٢ ـ (وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى ، وَهُوَ يَخْشى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) أي وأما من أتى إليك مسرعا في طلب الهداية والإرشاد إلى الخير ، والعظة بمواعظ الله ، وهو يخاف الله تعالى ، فأنت تتشاغل عنه وتعرض وتتغافل.
لذا أمر الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم ألا يخص بالإنذار أحدا ، بل يساوي فيه بين الشريف والضعيف ، والغني والفقير ، والسادة والعبيد ، والرجال والنساء ، والصغار والكبار ، ثم يهدي الله تعالى من يشاء إلى صراط مستقيم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ الآية عتاب من الله تعالى لنبيه صلىاللهعليهوسلم في إعراضه وتوليه عن عبد الله بن أم مكتوم ، حتى لا تنكسر قلوب الفقراء ، وليعلم أن المؤمن الفقير خير من الغني.
٢ ـ بالرغم من أن ابن أم مكتوم كان يستحق التأديب والزجر ؛ لأنه أبى إلا أن يكلم النبي صلىاللهعليهوسلم حتى يعلّمه ، فكان في هذا نوع جفاء منه ، بالرغم من هذا عاتب الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم ؛ لأن الأهم مقدم على المهم. ويستحق التأديب أيضا ؛ لأنه كان قد أسلم وتعلّم ما كان يحتاج إليه من أمر الدين. أما أولئك الكفار فما كانوا قد أسلموا ، وإسلامهم سبب لإسلام جمع عظيم.
٣ ـ عذر ابن أم مكتوم : أنه لم يكن عالما بأن النبي صلىاللهعليهوسلم مشغول بغيره ، وأنه يرجو إسلامهم.
٤ ـ الآية دليل واضح على وجوب المساواة في الإسلام في شأن الإنذار وتبليغ الدعوة دون تمييز بين فقير وغني. ونظير هذه الآية في العتاب قوله تعالى : (وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) [الأنعام ٦ / ٥٢] وقوله سبحانه : (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِ