قلت : بالرجوع إلى ما جمع من شعر ابن أبي الصلت في تاريخ الأدب العربي ؛ لاحظنا أن النصارى من العرب والمستشرقين مثل الأب «شيخو» و «كافنتسكي» قد عنوا بجمع هذا اللون من الشعر الديني أكثر من سواهم حتى إن «كافنتسكي» كتب رسالته للدكتوراة في جمع مثل هذا اللون من الشعر ليظهر العلاقة بين القرآن وبين شعر أمية وقد أشار لأخذ القرآن من شعر أمية (١) ابن أبي الصلت كذلك «كلمنت هاوث» كما أشار تسدال لهذه الموافقة بين القرآن وشعر امرئ القيس في كتابه مصادر الإسلام واعتبره مصدرا من مصادر الإسلام وذلك لموافقة الأبيات لبعض التراكيب القرآنية في سورة القمر والملك وغيرهما وهذه هي أبيات أمية المقصودة بالتوافق :
ويوم موعدهم أن يحشروا زمرا |
|
يوم التغابن إذ لا ينفع الحذر |
مستوسقين مع الداعي كأنهم |
|
رجل الجراد زفته الريح منتشر |
وأبرزوا بصعيد مستو جرز |
|
وأنزل والميزان والزبر |
فمنهم فرح راض بمبعثه |
|
وآخرون عصوا مأواهم سقر |
يقول خزانها ما كان عندكم |
|
ألم يكن جاءكم من ربكم نذر |
قالوا : بلى فتبعنا فتية بطروا |
|
وعزنا طول هذا العيش والعمر |
وأما أبيات امرئ القيس التي ذكرها «تسدال» متوافقة مع آيات من سورة القمر فهي :
دنت الساعة وانشق القمر |
|
عن غزال صاد قلبي ونفر |
أحور قد حرت في أوصافه |
|
ناعس الطرف بعينه حور |
مر يوم العيد في زينته |
|
فرماني فتعاطى فعقر |
بسهام من لحاظ فاتك |
|
فتركني كهشيم المحتظر |
__________________
(١) انظر معجم الشعراء الجاهليين والمخضرمين ص ١٥٢ ، تاريخ القرآن لنولدكة ١ / ١٩.