وقد اعترف بعض النصارى بهذا التحريف وألقاه على عاتق اليهود ومن هؤلاء «مرقيون» وهو هرطوقي في نظر الكنيسة ، عاش في القرن الثاني الميلادي مقتنعا بأن اليهود قد حرفوا إنجيل المسيح الأصلى ولذلك كان لا يعترف بأناجيل متى ومرقس ويوحنا ، وبكل ما يعتبره من تحريف اليهود في إنجيل لوقا.
وكان المانويون يقولون حسب شهادة «أوغسطنيوس» : أن العهد الجديد محرف.
وقد قال الفيلسوف «سلسيوس» في القرن الثاني الميلادي : أن بعض المؤمنين مثلهم في ذلك مثل السكارى الذين يصل بهم الأمر إلى ضرب نفوسهم بأيديهم ، قد غيروا نص الإنجيل الأصلي ثلاث مرات أو أربع أو أكثر من ذلك وحرفوه ، ليتمكنوا من التصدي لاعتراضات النقاد كما أن خصوم النصارى من الوثنيين قد اتهموهم بتغيير النص الأصلي للإنجيل وتبديله قبل أن نتهمهم نحن بذلك (١).
فهذا مما يدل على أن ما ورد في الأناجيل ليس بحجة. وعدم وجود شيء فيها لا يدل على عدم وجوده ولا على عدم حصوله في الواقع وتكرر القصة في ديانتين أو أكثر. فذلك لوحدة المصدر ولأن القصص في الديانات السماوية يتكرر ذكره لمصلحة الناس آنذاك وتأييدا لنبي تلك الفترة وإذا كان «تسدال» صادقا فليثبت عكس ما أثبته القرآن الكريم.
ويجب أن يعرف «تسدال» أن الأنبياء معصومون من الكذب وما أخبروا به كله حق وصدق وقد شهد التاريخ وعلم الآثار على صدق ما أخبر به سيدنا محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
فالمصادر النصرانية قد ذكرت هذه القصة وأنها موجودة في كتب معتمدة لا كما زعم «تسدال» قال الأستاذ «محمد تيسير ظبيان» في كتابه (أهل
__________________
(١) انظر الفكر الإسلامي في الرد على النصارى إلى نهاية القرن الرابع / العاشر ص ٤١٣ ـ ٤١٤.