وليست وهما وهمه المسلمون وخطأ فهموه ولكنه نور الله من كتابه استرشدوه. ونصها كما في كتاب الله سبحانه : (إِذْ قالَ الْحَوارِيُّونَ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ قالَ اتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ..) ولا شك أن بعض المسلمين قد فهم من الآيات أنها لم تنزل إما :
١ ـ لأنهم فهموا أنها مثل ضربه الله تعالى لخلقه نهاهم به عن مسألة نبي الله الآيات.
٢ ـ أو أن القوم لما قيل لهم : (فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ)(١) استعفوا منها فلم تنزل (٢).
والصحيح الذي عليه جمهور المسلمين وأئمتهم أنها قد نزلت (٣) ولكنهم اختلفوا في كيفية ذلك وما كان عليها من طعام.
أما إنكار النصارى أمر المائدة ذلك لأنها قادمة من القرآن الكريم وهذه المعجزة كغيرها من المعجزات مما أيد الله سبحانه بها عيسى ـ عليهالسلام ـ والمعجزات كلها من قبل الله سبحانه وآيات إلهية تحصل بقدرته وحده سبحانه تجري على يد النبي وإجراؤها على يد العبد في معرض التشريف والتقريب هداية لقوم وإضلالا لآخرين ، وهذا لا يلزم أن يكون الذي ظهر على يديه شيء من هذه المعجزات إلها ، كما زعمت النصارى.
والنصارى ينكرون هذه المعجزة مع اعترافهم بما هو أكبر منها وهي معجزة إحيائه للموتى ـ عليهالسلام ـ (٤).
كما أنهم ذكروا أكثر من مائدة بورك فيها الطعام على يدي عيسى ـ عليه
__________________
(١) سورة المائدة آية ١١٢ ـ ١١٥.
(٢) الفكر الإسلامي في الرد على النصارى ص ٢٧٥.
(٣) تفسير أبي السعود ٣ / ٩٩.
(٤) انظر إنجيل مرقص الإصحاح السادس فقرة (٢٥ ـ ٢٨).