الاستشراق عن غايته الأساسية التي أسس من أجلها مما أثار في نفوس بعض المنصفين منهم الأسى والحزن لهذه السياسة حيث قال «استفان فيلد» مظهرا استياءه :
[والأقبح من ذلك أنه توجد جماعة يسمون أنفسهم مستشرقين سخروا معلوماتهم عن الإسلام وتاريخه في سبيل مكافحة الإسلام والمسلمين. وهذا واقع مؤلم لا بد أن يعترف به المستشرقون المخلصون لرسالتهم بكل صراحة](١).
ومن بين الأمثلة العديدة على ارتباط الاستشراق بالاستعمار :
١ ـ المستشرق «كارل هينريخ بيكر» (ت ١٩٣٣ م) مؤسس (مجلة الإسلام) الألمانية الذي قام بدراسات تخدم الاستعمار الألماني في إفريقيا حيث حصل الرايخ الألماني في عام ١٨٨٥ ـ ١٨٨٦ م على مستعمرات في إفريقيا واستمر هذا الاستعمار إلى عام ١٩١٨ م.
٢ ـ المستشرق الروسي «بارثود» (ت ١٩٣٠ م) الذي تم تكليفه عن طريق الحكومة الروسية بالقيام ببحوث تخدم السيادة الروسية في آسيا الوسطى. وقد أسس مجلة باسم (عالم الإسلام).
٣ ـ المستشرق (سنوك هورجرونية) عالم الإسلاميات الهولندي الشهير ، فإنه في سبيل خدمة الاستعمار توجه إلى مكة في عام ١٨٨٥ م بعد أن انتحل اسما إسلاميا هو (عبد الغفار) ، وأقام هناك ما يقرب من نصف عام ، وقد ساعده على ذلك أنه كان يجيد العربية كأحد أبنائها ، وقد لعب هذا المستشرق دورا هاما في تشكيل السياسة الثقافية والاستعمارية في المناطق المستعمرة للهولنديين في الهند الشرقية ، وقد شغل «سنوك» مناصب قيادية في السلطة الاستعمارية الهولندية في أندونيسيا (٢).
__________________
(١) الاستشراق ـ محمود حمدي زقزوق ص ٤٤.
(٢) نفس المرجع السابق ص ٤٥ ـ ٤٦.