هذا جهل منه للمقصود الحقيقي بشخص السامري والقصة قد ذكرت في العهد القديم حيث قال : [فانصرف موسى ونزل من الجبل ولوحا الشهادة في يده .. وسمع يشوع صوت الشعب في هتافه فقال لموسى صوت قتال في المحلة .. وكان عند ما اقترب لي المحلة أنه أبصر العجل والرقص. فحمى غضب موسى وطرح اللوحين من يديه وكسرهما في أسفل الجبل. ثم أخذ العجل الذي صنعوا وأحرقه بالنار وطحنه حتى صار ناعما وذراه على وجه الماء وسقى بني إسرائيل وقال موسى لهارون : ما ذا صنع بك هذا الشعب حتى جلبت عليه خطية عظيمة؟! فقال هارون لا يحم غضب سيدي. أنت تعرف الشعب أنه في شر. فقالوا لي اصنع لنا آلهة تسير أمامنا. لأن هذا موسى الرجل الذي أصعدنا من أرض مصر لا نعلم ما ذا أصابه فقلت لهم من له ذهب فلينزعه ويعطيني. فطرحته في النار فخرج هذا العجل](١).
مع الخلاف لصانع العجل بين القرآن والتوراة إلا أنها قصة واحدة في المصدرين حيث نصت التوراة المحرفة زورا وبهتانا وكذبا أنه هارون ـ عليهالسلام ـ حاشاه أن يكفر بالله نبي من أنبيائه.
أما القرآن فقد برأ نبي الله هارون ـ عليهالسلام ـ ورد الأمر لحقيقته أن صانعه هو سامري موسى ـ عليهالسلام ـ وليس سامري السامرة كما ظن ذلك «تسدال» مما جعله ينكر هذه القصة.
والمعروف أن بني إسرائيل لم تكن أنفس أكثرهم مرتاحة بالإيمان وأنهم كانوا ذوي جهالة حيث لم يحصلوا على الثقافة الكافية لخصون عقائدهم من الزيغ. والقوم عاشوا في مصر وألفوا أن يروا عبادة المصريين للعجل «أبيس» وكان للمصريين عناية فائقة بعبادة هذا العجل وكانت العجول المؤلهة إذا ماتت حنطوها ـ كما كان يحنط الآدمي ـ بما يحفظ جسمها من التلف ، وكانت تدفن
__________________
(١) العهد القديم ـ سفر الخروج ٢٣ / ١٥ ـ ٢٦.