ومما استدل به «تسدال» على أخذ الإسلام من اليهودية التشابه في الوصايا العشر وزعم أن هذه الوصايا قد أخذها الإسلام من كتاب «جيمارا» (١).
قلت : هذا شأن هؤلاء المستشرقين دائما إذا أرادوا إثبات أخذ الإسلام من التوراة استشهدوا بما يحكم عليه في موطن آخر ببطلانه. وإذا أراد إثبات أخذ الإسلام من مصادر غير موثوقة أسقط ما كان اعتبره مصدرا أصيلا في وقت آخر.
ف «تسدال» من هذا القبيل لما أراد إثبات أن سفر التكوين لا يعتد به رده مثبتا أنه قد كتب سنة ٢٢٠ م مع أن هذا يخالف إجماع اليهود والنصارى وهو يدل على أن هذا الكتاب ليس كلمة الله ، لأنه يحتمل دخول النقص والزيادة عليه ولا يؤمن تغييره وتبديله. هذا ليدلل أن محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يعتمد على مصادر غير أصلية في اليهودية.
مع العلم أن الإسلام دين سماوي لم يعتمد على مصادر يهودية سواء كانت أصلية أو غير أصلية كما هو في أذهان هؤلاء المستشرقين والتشابه كما سبق وأكدنا مرارا لوحدة المصدر السماوي لهما.
فهذه الوصايا الإلهية جاءت بها كل الشرائع ونادت بها رسالات السماء على مر الأجيال فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال : «هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب من عمل بهن دخل الجنة ومن كفر بهن دخل النار» (٢).
وعن كعب الأحبار : «والذي نفس كعب بيده إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة» (٣).
__________________
(١) مصادر الإسلام ص ١٣ وما بعدها (فصل اليهودية كمصدر).
(٢) انظر تفسير الطبري ٨ / ٦٤ ، مطبعة دار المعرفة.
(٣) انظر تفسير الطبري ٨ / ٦٤.