وقد كان الوحي يفتر عنه فترات وهو بأشد الحاجة إليه ولا يجد جوابا لما سألوه ، أو بما تحدوه. كما أن الوحي ليس إلهاما فقط بل هو إخبار من الله سبحانه لنبيه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بواسطة أو بدون واسطة ، ويكون قلبيا أو قلبيا وسمعيا ، أو قلبيا وسمعيا وبصريا.
روى السيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول حيث قال :
أخرج ابن جرير من طريق ابن إسحاق عن شيخ من أهل مصر عن عكرمة عن ابن عباس قال : «بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته ، وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى أتيا المدينة ، فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ووصفوا لهم أمره ، فقالوا لهم : سلوه عن ثلاث إن أخبركم بها فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول.
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان أمرهم فإنه كان لهم أمر عجيب ، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه ، وسلوه عن الروح ما هو. فأقبلا حتى قدما على قريش فقالا قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد. فجاءوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فسألوه : فقال : أخبركم غدا بما سألتم عنه ولم يستثن ، فانصرفوا ومكث رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خمس عشرة ليلة لا يحدث الله في ذلك إليه وحيا ، ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وحتى أحزن رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مكث الوحي عنه وشق عليه ما تتكلم به أهل مكة ثم جاءه جبريل من الله بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم ، وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله يسألونك عن الروح» (١).
__________________
(١) كتاب النقول في أسباب النزول حاشية على تفسير الجلالين ـ طبعة عبد الحميد حنفي مصر ص ٢٢٩ ـ ٢٣٠.