كان أو حديثا. فهذا كله يرد دعاوى هؤلاء المستشرقين. ومما يؤكد صحة ما ذهبت إليه عدة أمور منها :
١ ـ كون الحجاج من شيعة عثمان ، وكان يؤاخذ كل من قصر في نصرته يوم الدار ، فكيف لمن هذا حاله أن يطعن في عثمان ومصحفه ويغيره.
٢ ـ أن المصحف العثماني انتشر في الآفاق وكثرت نسخه في عهد عثمان وعلي لغاية أنه لو أراد أحد إحصاءها لما استطاع ، فكيف بعددها في عهد الخلافة الأموية فلا شك أنه بلغ أكثر من ذلك كما أن الحجاج ما كان إلا واليا لولاية من ولايات الدولة الإسلامية المترامية الأطراف ، والمتباعدة النواحي فإذا استطاع تغيير المصاحف في ولايته فأنى له أن يصل للمصاحف في الولايات الأخرى وهي بالآلاف.
والتاريخ لم يذكر تناقضا بين المصاحف في العراق وبين المصاحف في غيرها.
والمعروف أن الحفظ لهذا الكتاب العظيم كما كان حفظا في المصاحف كان حفظا في الصدور فإذا استطاع الحجاج أن يصل لحفظ السطور فأنى له أن يصل لحفظ صدور الآلاف من المسلمين.
٣ ـ والمعروف كذلك أن الدولة العباسية قامت على أنقاض الدولة الأموية وقد غيروا كثيرا من سياسات بني أمية في إدارة شئون الدولة ، ولم يدخروا وسعا في تبيين مثالب بني أمية ، والتقرب إلى الرعية بإبراز العدالة والإنصاف والدفاع عن الحق.
فلو وجد العباسيون شيئا من هذا التغيير في المصحف الشريف لكانت من أعظم الفرص المواتية لبني العباس ليظهروا ذلك باعتباره مثلبا كبيرا في حق بني أمية ، وإضفاء للشرعية والعدل والحق على حكمهم.