يبدلوا ولا يغيروا شيئا من القرآن ، وكانوا يحرصون على تلقيه منه شخصيا ، وحادثة إنكار عمر بن الخطاب على هشام بن حكيم مشهورة عند ما سمع ابن الخطاب هشاما يقرأ سورة على غير الوجه الذي سمعه من رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فأخذ بتلابيبه وذهب به إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى سمع قراءتهما وصوبهما فإذا كان هذا الشأن بحرف فكيف بتغييرات ابن أبي السرح التي أدت لزيادة خمس القرآن ـ على حد زعم بعضهم ـ.
اللهم إن هذا إلا اختلاق وحسد من عند أنفسهم. مما يؤكد بطلان مزاعم المستشرقين ونزاهة كتبة الوحي ، وسلامتهم من أي شبهة تنسب إليهم كمزاعم «بلاشير» في مقدمته.
أما الرواية الثانية التي استدل بها «كازانوفا» للطعن في نزاهة الكتبة وهي أن الأرض لفظت كاتبا آخرا غير أمين من كتبة الوحي لتغييره في القرآن (١).
فهذه الرواية أو هى من سابقتها من حيث الاحتجاج ، لأنها رواية ضعيفة لم تثبت تاريخيا ، ولم تنسب لأحد معروف ، وذكرها في «كتاب المصاحف» لابن أبي داود ليس حجة لأن الكتاب فيه الصحيح والضعيف والموضوع ، وصاحبه كان كحاطب ليل همه جمع كل ما قيل في موضوعه ولم يميز فيه بين ما صح من الروايات وغيره.
وحتى ابن أبي داود الذي أثبت أن هناك من لفظت الأرض جثته لم يثبت أنه لعدم أمانته في كتابة الوحي بل قال : [أما الآخر الذي لفظته الأرض لوجه غير هذا](٢).
لذا فلم يشر «كازانوفا» ولا «بلاشير» الذي نقل قوله لمرجع موثق ذكر هذه الرواية ولم أجدها إلا في كتاب المصاحف لابن أبي داود باللفظ المذكور سابقا ، والله تعالى أعلم.
__________________
(١) انظر مقدمة القرآن ـ بلاشير وهامشه ص ١٢ ـ ١٣ ، والقرآن والمستشرقون ص ٨٥ ـ ٨٦.
(٢) المصاحف لابن أبي داود ص ٧ ـ ٨.