عنه ـ : (فو الله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ؟ قال : هو والله خير؟ فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهم) (١).
فأين هذا التملق والتكلف المزعوم من قبل هؤلاء المستشرقين؟؟.
أما عبد الله بن الزبير فهو الصحابي الجليل ، أول مولود ولد في الإسلام بالمدينة من قريش ، وقد حضر وقعة اليرموك ، وشهد خطبة عمر بالجابية ، وبويع له بالخلافة عقيب موت يزيد بن معاوية سنة (٦٤ ه) وقيل سنة خمس وكانت ولايته تسع سنين ، وقد سمع ـ رضي الله عنه ـ من النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وحفظ عنه ، وهو الذي حمى البيت الحرام من فعل الحجاج واعتداءاته عليه ، قتل على يد الحجاج صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر بعد أن خذله عامة أصحابه ـ رحمة الله تعالى عليه ـ ومناقبه كثيرة تحتاج لسفر خاص به (٢) فرجل هذه صفاته ألا يكون فوق شبهات هؤلاء المستشرقين.
أما عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن مخزوم اختلف في صحبته : فقد عده الحاكم من الصحابة ، والبقية رجحوا ولادته في زمن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعدم سماعه منه ، فيكون من التابعين ، وممن عده ابن حبان الذي قال عنه هو : من ثقات التابعين ، وأثنى عليه ابن سعد : «كان عبد الرحمن من أشراف قريش» (٣).
هذه هي صفات هؤلاء الأربعة ـ رضوان الله عليهم ـ الذين زعم «بلاشير» أن اختيارهم لعملية الجمع إما بسبب أنهم من طبقة ارستقراطية أو لأن بعضهم كان متملقا «كزيد» ـ رضي الله عنه ـ ولكن الصواب أن الاختيار
__________________
(١) فتح الباري ٩ / ١٠ ـ ١١ فضائل القرآن.
(٢) تهذيب التهذيب ٥ / ٢١٤.
(٣) تهذيب التهذيب ٦ / ١٥٦ ـ ١٥٨.