رب الأمر ويصلحه ، وقيل : إنه مضاف إلى علم الرب ، وهو علم الدين الذي يأمره به إلّا أنه غيّر في الإضافة ليدل على هذا المعنى ، كما قيل في الإضافة إلى البحرين بحراني ، وكما قيل للعظيم الرقبة : رقباني ، وللعظيم اللحية : لحياني ، فقيل لصاحب علم الدين الذي أمر به الرب : رباني (١) ؛ وقيل : هو الشديد التمسك بدين الله وطاعته.
(تَدْرُسُونَ) : تديمون القراءة والدرس والحفظ ، وأصله من : درس الدار إذا بقي أثرها. وبقاء الأثر ـ كما يقول الراغب ـ «يقتضي انمحاءه في نفسه ، فلذلك فسّر الدروس بالانمحاء ، وكذا درس الكتاب ، ودرست العلم : تناولت أثره بالحفظ» (٢).
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ : «قال الضحاك ومقاتل : نزلت في نصارى نجران حين عبدوا عيسى ، وقوله (لِبَشَرٍ) يعني : عيسى ، (أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ) يعني : الإنجيل. وقال ابن عباس في رواية الكلبي وعطاء : إن أبا رافع اليهودي والرئيس من نصارى نجران قالا : يا محمد ، أتريد أن نعبدك ونتخذك ربا؟ فقال رسول الله : معاذ الله أن يعبد غير الله أو نأمر بعبادة غير الله ، ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني. فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال الحسن : بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله ، نسلّم عليك كما يسلّم بعضنا على بعض ، أفلا نسجد لك؟ قال : لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله. فأنزل الله تعالى هذه الآية» (٣).
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٨١ ـ ٧٨٢.
(٢) مفردات الراغب ، ص : ١٦٩.
(٣) أسباب النزول ، ص : ٦٢.