العطاء قيمة إنسانية وخلق أصيل
العطاء هو إحدى القيم الإنسانية التي أراد الله للإنسان أن يعيشها في حياته كخلق أصيل من سمات الشخصية التي يتصف بها بحيث تصدر منه المواقف بشكل عفوي ، فيعطي الإنسان لأنه يحس بالحاجة إلى ذلك من خلال إنسانيته التي تدفعه إلى ذلك ، وإذا أعطى فإنه لا يختار الأشياء التي تعافها نفسه ويكرهها طبعه فيمنحها للآخرين ، لأن ذلك ليس مظهرا للعطاء بل هو وسيلة من وسائل التخلص من هذه الأشياء باسم العطاء ، بل يختار الأشياء التي يحبها ويريدها مما هو أثير عنده وقريب إلى حاجاته وضروراته ، فإن ذلك يحمل معنى التضحية التي يتمثل فيها روح العطاء السمح بأعلى مظاهرها.
وقد جاء في مجمع البيان ، أن عليّا عليهالسلام اشترى ثوبا فأعجبه ، فتصدق به وقال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة بالجنة ، ومن أحبّ شيئا فجعله لله قال الله تعالى يوم القيامة : قد كان العباد يكافؤون في ما بينهم بالمعروف ، وأنا أكافيك اليوم بالجنة» (١) ، ويروى عن الحسين بن علي والصادق عليهمالسلام أنهما كانا يتصدقان بالسكر ويقولان : إنه أحبّ الأشياء إلينا وقد قال الله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ).
* * *
الإنفاق والتكافل الاجتماعي
والإنفاق لا يقتصر على المال ـ وإن كان الظاهر من الآية المال خاصة ـ بل يريد الله للإنسان أن ينفق من كل ما يحتاجه الناس مما هو عنده من مال أو
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٩٢.