الإنسان قد يمنع نفسه من بعض الأشياء المحلّلة من أجل بعض الجوانب النفسية ، بعيدا عن عالم التحريم والتحليل ، وكان ذلك : (مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ).
* * *
أساليب الزّيف والمراوغة
ولمّا نزلت التوراة حرّمت بعض الأشياء عقوبة لهم على ما قاموا به من بعض المعاصي ، كما أشار إليه الله سبحانه في قوله تعالى : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ كَثِيراً) [النساء : ١٦٠] وحرّمت عليهم أشياء أخرى منها ما ذكره الله في قوله : (وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ) [الأنعام : ١٤٦] ولم يرد في التوراة تحريم لحم الإبل ، فكيف يدعون تحريمها وينكرون على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حليتها. ثم أطلق التحدّي في وجوههم : (قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) ولكنهم لم يثبتوا أمام التحدي لأنهم يعرفون نتيجة ذلك في إظهار كذبهم وزيف دعاويهم.
وهذا أسلوب لا بد من مراعاته واتباعه مع الناس الذين ينسبون إلى الشريعة تحليل شيء غير موجود فيها ، أو ينكرون وجود بعض العقائد الباطلة في كتبهم ، وهي موجودة فيها ، وذلك كبعض الملحدين الذين يتحركون في وضع سياسي واقتصادي معيّن ؛ فإذا تحدث إليهم متحدث بما عندهم من ذلك ، وخافوا أن تعطل هذه القضايا بعض خططهم وأهدافهم ، أنكروا وجودها اعتمادا على أن الناس لا يقرءون ، أو أنهم لا يصلون إلى هذه الكتب ، فيمكن للعاملين في سبيل الدعوة إلى الله أن يطلبوا منهم إبراز كتبهم أمام الناس ليظهروا ما فيها من شؤون العقيدة في عالم الإلحاد والإيمان ، ليبرز من ذلك زيفهم وبطلان