أساليبهم الخادعة. فإذا وضحت الحقيقة من خلال ذلك ، أو من خلال هروبهم عن إظهارها ، فلا بد من أن يقفوا وقفة الصدق أمام الحقيقة الواضحة. (فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الذين يظلمون أنفسهم ويظلمون الحقيقة والناس الذين يريدون الارتباط بالحقيقة على أساس الحجة والبرهان.
* * *
امتداد رسالي
وتنتهي الآيات بالأمر للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يؤكد موقفه الذي حاول اليهود أن يثيروا الريب والشكوك من حوله ، للإيحاء بأنه ليس من عند الله ، ولهذا جاء التأكيد بقوله : (قُلْ صَدَقَ اللهُ) فإن قول النبي هو قول الله ، لذلك كان التشكيك به تشكيكا بقول الله كما أن تصديق الله يستلزم التصديق به. ثم أمر باتباع ملة إبراهيم الحنيف المخلص المائل عن الباطل إلى الحق ، لأن ملّته هي الإسلام في نطاقه الشامل الذي يستوعب كل الرسالات في مراحلها المتنوّعة المتدرّجة.
(فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ) التي تمثل ملة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لما تمثله من الامتداد الرسالي لتلك الملّة التي تجمع في داخلها الخطوط العامة لكل ما يريد الله أن يلتزموه في المعنى التوحيدي الشامل من حيث الفكر والعمل ، (حَنِيفاً) منفتحا على خط الاستقامة في طريق الحق المائلة عن خط الباطل ، فقد كان يمثل التوحيد الخالص عقيدة ومنهجا وعبادة وحركة في الجانب العملي من الحياة ، (وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) فقد كان ثورة على الشرك كله بكل قوّة ، حتى أنه عادى قومه وأباه في سبيل ذلك.
وقد دعا في نهاية المطاف إلى اتباع ملّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، باعتبار أنها تمثل إرادة الله الأخيرة في خط الرسالات ، مما يجعل اتباعها إسلاما لله الواحد ، وتجسيدا للتوحيد الحق الذي تلتقي لديه كل منطلقات الحياة الخيرة وتخضع