القلوب ، وتقود الأفراد والجماعات إلى حرب تقوم على أساس العائلة الضيّقة ، ويصبح الإسلام مجرّد حالة طارئة لا تمثل أيّة قوّة ضابطة أو محرّكة في الاتجاه السليم ...
وربّما نجد الكثير من نماذج هذا اليهودي في الواقع الذي يعيشه المسلمون ، في ما يريد الكافرون والضالون أن يثيروه بين المسلمين من الخلافات القائمة على العصبية العائلية والقومية والإقليمية والمذهبية ، فيعملون على استثارة كل عناصر الإثارة في الماضي والحاضر من أجل خلق حالة نفسية متوترة ، توحي بالحقد ، وتنذر بالشر ، وتقود إلى التصادم والتنازع في خطّة خبيثة تؤدي إلى الكارثة من خلال ما تؤدي إليه من التمزق والتفرق والوصول إلى مواقع الخطر على عزتهم وكرامتهم وأصالتهم الفكرية والاجتماعية والسياسية ...
وفي هذا الجوّ تتحرك الآية لتفتح عيون المسلمين في كل زمان ومكان على أن يحدّدوا أعداءهم في العقيدة وفي السياسة وفي الحياة كلها ... ويتعرفوا طبيعة مخططاتهم في جانبي العمق والامتداد ، وطبيعة الظروف الموضوعية المتحركة على الساحة ونوعية القوى المحيطة بهم ، إلى جانب معرفتهم بالأسس التي تحميهم من كل هذه المخططات ، وذلك بالتأكيد على نقاط القوة لتنميتها وتحريكها في خط المواجهة الصعبة ودراسة نقاط الضعف ومحاولة السيطرة عليها وتحويلها من موقع المعاناة إلى نقاط قوة ، سواء كانت تلك النقاط فكرية أو شعورية أو عملية ... ولا بدّ في سبيل الوصول إلى ذلك من الارتفاع في كل زمن إلى مستوى المرحلة التاريخية للأمّة ، التي تفرض علينا التحرك في خط الوعي الذي يرصد القوى المختلفة لئلا يختلط علينا خط الأعداء بخط الأصدقاء ، على أساس انفعال طارئ أو مشاعر حادة أو نظرة خاطئة في تقييم الواقع والناس.
وقد نستوحي من هاتين الآيتين أن على المسلمين أن يعيشوا حالة عالية من الوعي المتقدّم للأجواء المضادّة المحيطة بهم في مجتمعات الكفر