وتحريض لهم أن يعتصموا بالله فيهتدون إلى صراط الإيمان وتدوم هدايتهم. ويرى أن الآيات أقرب انطباقا على ما ذكره منها على الرواية كما هو ظاهر ، وبذلك تكون الآيات متممة لسابقتها (١).
ولكن الظاهر من سياق الآيات المتأخرة الآتية التي تعيش في أجواء هاتين الآيتين أن هناك شيئا من الجو الذي ذكرته الرواية في ما قام به اليهود في واقع المسلمين ، مما يدفع بالحياة الإسلامية إلى الحقد والعداوة والبغضاء ، ويؤدي بالنتيجة إلى الكفر ، من خلال الاستسلام لمخططاتهم. وبذلك لا تبتعد الآية عن الرواية كما لا تبتعد عن الآيات السابقة التي عرضت بعض النماذج لأساليب أهل الكتاب في التضليل.
* * *
خطورة المشاعر الساذجة أمام مخططات الأعداء
في هاتين الآيتين بداية الحديث مع المؤمنين بأن يكونوا واعين للمخططات التي يرسمها أهل الكتاب من أجل إضلال المسلمين عن دينهم الحق ، وذلك بإثارة الرواسب القديمة الكامنة في الأعماق ، التي استطاع الإسلام تجميدها في خطّة طويلة لإزالتها نهائيا من النفوس ، وذلك بتأكيد الإيمان في قلوبهم ومشاعرهم وخطواتهم العملية في الحياة ، بحيث يتحول إلى جزء من الذات ، بدلا من أن يكون فكرة ساذجة كامنة في بعض جوانبها ... فإذا أغفل المسلمون جانب الحذر ، واستسلموا لمشاعرهم الساذجة ، وشعروا بالأمن في حركات الكافرين من حولهم ، أمكن لأولئك أن يجرّوهم إلى الوقوع في قبضة التاريخ الجاهلي من جديد ، فتتحرك الرواسب وتطفو على سطح الفكر والشعور ، وتتحوّل إلى ممارسات خبيثة تذكي نار العصبية ، وتطفئ نور الإيمان في
__________________
(١) انظر : تفسير الميزان ، ج : ٣ ، ص : ٤١٦.