إليها فقد يمكن توجيهها بأن الآية الأولى قد توحي بما يقرب من الجوّ الأعلى للتقوى ، وذلك من خلال الاستغراق في كلمة : (حَقَّ تُقاتِهِ) التي قد تعطي الانطباع بما ينبغي لله من التقوى ، فكانت الآية الثانية مفسرة لذلك بأن القضية لا تتجاوز القدرة البشرية لكل إنسان بحسب ظروفه وأوضاعه ...
* * *
خطّ للحياة ومسار للنهاية
أمّا قوله تعالى : (وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) فقد تكون نتيجة طبيعية للسير على خط التقوى في الحياة ، لأن ذلك هو الذي يعمّق وعي الإنسان للإسلام في الداخل ، ويركّز خطواته على الصراط المستقيم ، فلا يبقى في حياته اهتزاز أو ارتباك يبتعد به عن الإسلام ، لأنه لا يمثل في حياته كلمة تقال وتقليدا يتجمد ، بل يمثل الفكر والعاطفة والحركة التي تجعل من الإسلام طابعا للحياة ومعنى يتحرك في أعماق الإنسان من خلالها في امتداد وشمول يختم حياته كما بدأها حيث يلاقي ربّه بإسلام الوجه والقلب واللسان ...
إنها الدعوة إلى أن لا تكون التقوى مزاجا طارئا يمر بالحياة مرورا خفيفا ، بل تكون قاعدة ثابتة للفكر والحياة لتمثل خط البداية والمسار والنهاية ... وهذا هو ما نستوحيه من هذا النداء الإلهي الذي يحس الإنسان فيه بمعنى الرحمة الذي يمتزج بأسلوب التوجيه والدعوة.
* * *