الذي سار عليه إبراهيم عليهالسلام ، وبعمق الروح التي انطلق معها ، إن لم تكن أعمق ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا) بهذا الرسول ، لأن الإيمان به إيمان بالخط الرسالي الإسلامي الذي يمثله إبراهيم عليهالسلام في رسالته وفي حياته ، ويلتقي الجميع في خط الولاية لله ، (وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) بما يرعاهم برعايته ، ويهديهم بهدايته ، ويمنحهم لطفه ورحمته ورضوانه.
ويعلّق الإمام عليّ عليهالسلام ـ في ما روي عنه ـ على هذه الآية بقوله : إن وليّ محمد من أطاع الله وإن بعدت لحمته ، وإن عدوّ محمّد من عصى الله وإن قربت قرابته (١). وبذلك يعطي الإمام علي عليهالسلام امتداد في ما يستوحيه من الآية ، فإذا كان أولى الناس بإبراهيم الذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ، فإن ذلك لا يقف أمام شخص إبراهيم عليهالسلام ، بل يمتد مع كل نبي أو رسول أو عامل في سبيل الله ، في ما تمثله القرابة في حياته في خطوط القرب والبعد ، من حيث علاقة ذلك بالسير على خط الرسالة والابتعاد عنه. ولهذا أمكن أن نستوحي الآية في كل شخص تمتد حياته إلى أبعد من حدود ذاته ، كما أكّد رسول الله من خلال القرآن الكريم على بعد أبي لهب عنه مع قربه من نسبه ، وأثار قرب سلمان الفارسي منه ، من خلال الحديث المأثور عنه : «وإنما صار سلمان من العلماء لأنه امرؤ منا أهل البيت فلذلك نسبه إلينا» (٢) مع بعده عن نسبه. وهذا هو الأساس الذي تتحرك فيه العاطفة الإسلاميّة ، وتنطلق منه الروابط الإسلاميّة ، فيكون الإسلام هو الذي يربطك بالآخرين ، كأقوى ما تكون الرابطة ، بحيث تعلو عن سائر الروابط الأخرى من عائلية أو إقليمية أو قوميّة ، في كل ما تفرضه الرابطة القويّة من نصرة وتأييد وحركة وانتماء. وهذا هو المفهوم الإسلامي الذي نستوحيه من الآية في ضوء ملاحظة الإمام علي عليهالسلام.
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٧٠.
(٢) البحار ، م : ١ ، ج : ٢ ، باب : ٢٦ ، ص : ٤٦٢ ، رواية : ٢٥.