ومنه حديث عليّ «خمص البطون من الصّيام ، مُرْهُ العيون من البكاء» هو جمع الامْرَهِ. وقد مَرِهَتْ عينه تَمْرَهُ مَرَهاً.
(مرا) (ه) فيه «لا تُمارُوا فى القرآن ، فإن مِرَاءً فيه كفر» المِرَاءُ : الجدال ، والتَّمارِي والمُمَارَاةُ : المجادلة على مذهب الشّكّ والرّيبة. ويقال للمناظرة : مُمَاراة ، لأن كلّ واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويَمْتَرِيه ، كما يَمْتَرِي الحالب اللّبن من الضّرع.
قال أبو عبيد : ليس وجه الحديث عندنا على الاختلاف فى التأويل ، ولكنّه على الاختلاف فى اللفظ ، وهو أن يقول (١) الرّجل على حرف ، فيقول الآخر : ليس هو هكذا ، ولكنّه على خلافه ، وكلاهما منزل مقروء به (٢). فإذا جحد كلّ واحد منهما قراءة صاحبه لم يؤمن أن يكون ذلك يخرجه إلى الكفر ، لأنه نفى حرفا أنزله الله على نبيّه.
والتنكير فى المِرَاءِ إيذانا بأنّ شيئا منه كفر ، فضلا عما زاد عليه.
وقيل : إنما جاء هذا فى الجدال والمِرَاءِ فى الآيات التى فيها ذكر القدر ، ونحوه من المعانى ، على مذهب أهل الكلام ، وأصحاب الأهواء والآراء ، دون ما تضمّنته من الأحكام ، وأبواب الحلال والحرام ؛ فإن ذلك قد جرى بين الصحابة فمن بعدهم من العلماء ، وذلك فيما يكون الغرض منه والباعث عليه ظهور الحقّ ليتّبع ، دون الغلبة والتّعجيز. والله أعلم.
(ه) وفيه «إمْرِ الدّم بما شئت» أى استخرجه وأجره بما شئت. يريد الذّبح. وهو من مَرَى الضّرع يَمرِيهِ.
ويروى «أمر الدّم» من مار يمور ، إذا جرى. وأماره غيره.
قال الخطّابى : أصحاب الحديث يروونه مشدّد الرّاء ، وهو غلط. وقد جاء فى سنن أبى داود والنّسائى «أمرر» براءين مظهرتين. ومعناه اجعل الدّم يمرّ : أى يذهب ، فعلى هذا من رواه مشدّد الرّاء يكون قد أدغم ، وليس بغلط.
__________________
(١) فى الهروى : «يقزأ».
(٢) بعده فى الهروى : «يعلم ذلك بحديث النبى صلىاللهعليهوسلم : نزل القرآن على سبعة أحرف».