ثمّ كيف نجد السنة النبوية الصحيحة عند أهل السنة وهم يروون بأنهم ضيَّعوا كل شيء كان على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى الصلاة. فقد أخرج البخاري وغيره عن الزهري أنه قال : دخلتُ على أنس بن مالك بدمشق وهو يبكي ، فقلت : ما يبكيك؟ فقال : لا أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة ، وهذه الصلاة قد ضُيِّعتْ.
وفي رواية أخرى قال : ما أعرف شيئاً مما كان على عهد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. قيل : الصلاة؟ قال : أليس ضيَّعتم ما ضيَّعتم فيها؟! (١)
وكيف نجد هذه السنَّة النبوية الصحيحة خالية من الكذب مع أن أبا حنيفة كما قيل لم يصح عنده إلا سبعة عشر حديثاً أو نحوها ، ولم يصح عند الإمام مالك بن أنس إلا ما في الموطَّأ فقط ، وغايتها ثلاثمائة حديث أو نحوها (٢).
هذا مضافاً إلى أن أهل السنة قد تفرَّقوا إلى مذاهب كثيرة ، واختلفوا في أكثر المسائل إلى أقوال عديدة ، فأين كانت هذه السنة
__________________
شرف الدين رضوان الله عليه ، وكتاب (تأملات في الصحيحين) لمحمد صادق نجمي ، وكتاب (فاسألوا أهل الذكر) للدكتور محمد التيجاني السماوي.
(١) صحيح البخاري ١/١٣٣ كتاب مواقيت الصلاة وفضلها ، باب تضييع الصلاة عن وقتها.
(٢) مقدمة ابن خلدون ، ص ٤٤٤. وأحاديث الموطأ المطبوع تنيف على الف وثمانمائة حديث أكثرها مراسيل ، ولعل المسند منها ثلاثمائة حديث أو نحوها.