محمّداً من النبوة ، فردّها ، ولم يُرِدْ خلاف قومه.
وقال خالد بن سعيد بن العاص : الحمد لله الذي أكرم أبي فلم يدرك هذا اليوم.
وقال الحارث بن هشام : واثكلاه ، ليتني متّ قبل هذا اليوم ، قبل أن أسمع بلالاً ينهق فوق الكعبة!
وقال الحكم بن أبي العاص : هذا والله الحدث العظيم ، أن يصيح عبد بني جُمحَ ، يصيح بما يصيح به على بيت أبي طلحة.
وقال سهيل بن عمرو : إن كان هذا سخطاً من الله تعالى فسيغيره وإن كان لله رضا فسيقرّه.
وقال أبو سفيان : أمّا أنا فلا أقول شيئاً ، لو قلت شيئاً لأخبَرَتْه هذه الحصباء ، قال : فأتى جبرئيل عليهالسلام فأخبره مقالة القوم (١).
ولو تأملت في ما رواه لنا العبّاس في كيفية إسلام أبي سفيان لعرفت أنّه لم يسلم عن قناعة وإيمان ، إذ قال العباس : غدوت به على رسول الله فلما رآه قال : ويحك يا أبا سفيان!! ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلّا الله؟
قال : بلى ، بأبي أنت وأمي ، لو كان مع الله غيره لقد أغنى عنيّ شيئاً.
فقال : ويحك! ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله؟!
فقال : بأبي أنت وأمي ، أما هذه ففي النفس منها شيء.
قال العباس : فقلت له : ويحك! تشهد شهادة الحق قبل أن تضرب عنقك.
قال : فتشهد (٢).
فهنا يبدو واضحاً أن أبا سفيان كان أكثر بطئاً في قبول الشهادة الثانية من
__________________
(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٧ : ٢٨٣ عن الواقدي ، وانظر : سبل الهدى والرشاد ٥ / ١٩٣ رواه عن البيهقي.
(٢) الكامل في التاريخ ٢ : ٢٤٥.