فقال له عليّ بن الحسين : إذا أردتَ أن تعلم من غَلَب ودخل وقت الصلاة فأذِّن ثمّ أقِم (١).
وذلك أنّ ذكر الرسول المصطفى خُلّد في الأذان والإقامة رغم نصب الناصبين وعداء المعادين ، وبه خلود ذكر آل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيكونون هم الغالبين لا بنو أميّة ولا من غصبوا الحقوق وحرَّفوا المعالم عن سُنَنها ومجار يها.
وقد كانت نعرة البغض لرهط النبي وآله مترسّخة متجذرة في نفوس الأمويين إلى أبعد الحدود ، حتّى وصلت بهم درجة الإحساس بالتعالي والتيه والكبر إلى أن يحاسبوا حتّى من يمدحهم غاية المدح فيما إذا قدّم عليهم آل الرسول ، فقد افتخر ابن ميادة الشاعر بقومه بعد رهط النبي وبعد بني مروان ، فقال :
فَضَلْنا قريشاً غيرَ رهطِ محمَّدِ |
|
وغيرطَ بني مروان أَهلِ الفضائلِ |
فقال له الخليفة الاموي الوليد بن يزيد : قدَّمْتَّ رهطَ محمّد قبلنا؟! فقال ابن ميادة : ما كنت أظنه يمكن إلّا ذاك (٢).
فها هو الشاعر يصرّح ـ طبقاً لضرورات الدين ـ بأنه لا يمكن للمسلم إلّا أن يقدّم رهط النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على قومه وعلى جميع الاقوام ، لكن العقلية الأموية والمروانية كانت تسعى في طمس آثار آل الرسول بكل ثقلها وجهدها.
وفي العصر العباسي ، دخل الإمام عليّ الهادي عليهالسلام يوماً على المتوكّل فقال له المتوكل : يا أبا الحسن مَن أشعر الناس؟ ـ وكان قد سأل قبله عليّ بن الجهم ، فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الإسلام ـ فلمّا سأل الإمامَ قال : عليّ الحماني حيث يقول :
لقد فاخَرَتْنا من قريش عصابةٌ |
|
بمــطّ خُدود وامـتدادِ أصـابعِ |
__________________
(١) أمالي الطوسي ٦٨٧ ـ ٦٨٨ ، مجلس يوم الجمعة السابع من شعبان ٤٥٧ هـ.
(٢) انظر انساب الاشراف ١٣ : ١٢٨. وفيه انّ إبراهيم بن هشام بن عبدالملك قال لابن ميادة : يا ماصَّ بظر أمّه أنت فضلت قريشاً ، وجرّده فضربه مائة سوط أو أقل.