الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أن يؤمن أبو بكر وأسلمت قبل أن يسلم [أبو بكر] (١) ، فلا يعرفُ بعد هذا من هو الصادق ومن هو الكاذب ومن هو الصدّيق ومن هي الصدّيقة في قاموس القوم؟ وقد مرّ عليك أنّ معاوية حرّف كلّ فضيلة لعليّ وجعلها في غيره.
وثالثها : أنّ يزيد لمّا أمر المؤذّن بالأذان ليقطع كلام الإمام ، كان الإمام السجّاد يوضّح كلّ فقرة من فقرات الأذان ، مُعرِّضاً بمن يتلفّظون بألفاظه دون وعي لمفاهيمه ، وهو ما سنقوله لاحقاً من أنّه يحتوي على مفاهيم الإسلام ، وأنّه وجه الدين ، وأنّه ثبت بالوحي ، لا كما أرادوا تصويره بأنّه مجرّد إعلام قابل للزيادة والنقصان ، وُضع بأحلام واقتراحات من الصحابة!!
وفي قول السجّاد عليهالسلام «يا يزيد! محمّد هذا جدّي أم جدّك» بيان لارتفاع ذكر النبيّ وآله ، وأنّ الأمويّين لم يفلحوا في حذف اسمه من الأذان وإخماد ذكره ، ومحاولة إدراج اسم «أمير المؤمنين» (٢)!!! معاوية في آخر الأذان ، وإن نجحوا ظاهريّاً في إخماد ثورة الحسين وقتله وقتل عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فالأذان المشرع من الوحي كان مفخرة آل النبيّ ، وبياناً لارتفاع ذكره وذكر آله ، لا كما قيل فيه من أنواع المختلقات.
ويؤكّد ذلك أنّه لمّا قدم عليّ بن الحسين بعد قتل أبيه الحسين عليهالسلام إلى المدينة استقبله إبراهيم بن طلحة بن عبيدالله وقال :
يا عليّ بن الحسين ، مَن غَلَب؟ وذلك على سبيل الشماتة.
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ١٣ : ٢٢٨ ، وأنساب الاشراف بتحقيق المحمودي ١٤٦ ، الآحاد والمثاني ١ : ١٥١ ، والمعارف لابن قتيبة ٩٩.
(٢) مرَّ عليك قبل قليل قول السيوطي في كتاب الوسائل إلى معرفة الأوائل ٢٦ : أن أوّل من أمر المؤذن أن يشعره ويناديه فيقول : السلام على أمير المؤمنين الصلاة يرحمك الله ، معاوية بن أبي سفيان.