لاحتواء تلك الأسانيد على وقفات علميّة ؛ سَنَديّة ودلاليّة ، يجب بيانها إن اقتضى الحال.
قال السيّد المرتضى في الانتصار : وقد روت العامّة أنّ ذلك [أي «حيّ على خير العمل»] مما كان يقال في بعض أيام النبيّ ، وإنّما ادّعي أن ذلك نُسخ ورُفع ، وعلى مَن ادّعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها (١).
وقال ابن عربي في الفتوحات المكية : ... وأمّا من زاد في الأذان حيَّ على خير العمل فإن كان فُعل في زمان رسول الله ـ كما روي أنّ ذلك دعا به في غزوة الخندق ؛ إذ كان الناس يحفرون ، فجاء وقت الصلاة وهي خير موضوع كما ورد في الحديث ، فنادى المنادي أهل الخندق «حيَّ على خير العمل» ـ فما أخطأ مَن جعلها في الأذان ، بل اقتدى إن صحّ الخبر ، أو سنّ سنّة حسنة (٢).
وجاء في الروض النضير عن كتاب السنام ما لفظه : الصحيح أنّ الأذان شرّع بحيّ على خير العمل ، لأنّه اتُّفِق على الأذان به يوم الخندق ، ولأنّه دعاءٌ إلى الصَّلاة ، وقد قال صلىاللهعليهوآلهوسلم «خير أعمالكم الصلاة» (٣). كما وردت روايات أخرى تفيد أنّ مؤذّني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وغيرهم من الصحابة استمرّوا على التأذين بها حتّى ماتوا (٤).
وعليه فالفريقان شيعةً وسنةً متّفقان على ثبوت حكمها في الصدر الأوّل وعلى كونها جزء الأذان في بدء التشريع ، لكنّ أهل السنة والجماعة انفردوا بدعوى
__________________
(١) الانتصار ١٣٧ ، باب «وجوب قول حسّ على خير العمل في الأذان».
(٢) الفتوحات المكية ١ : ٤٠٠.
(٣) هذا ما حكاه عزّان محقّق كتاب (الأذان بحيّ على خير العمل) ١٢ عن الروض النضير ١ : ٥٤٢.
(٤) المصدر نفسه ٥٠ ـ ٥٦.