ونسبه المهديّ في البحر إلى أحد قولَي الشافعي ، وهو خلاف ما في كتب الشافعيّة ، فإنّا لم نجد في شيء منها هذه المقالة (١) ، بل خلاف ما في كتب أهل البيت (٢).
قال في الانتصار : إنّ الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك ، يعني في أنّ «حيّ على خير العمل» ليس من ألفاظ الأذان ، وقد أنكر هذه الرواية الإمام عزّ الدين في شرح البحر وغيره ممّن له اطّلاع على كتب الشافعيّة.
«احتج القائلون بذلك» بما في كتب أهل البيت ـ كامالي أحمد بن عيسى ، والتجريد ، والأحكام ، وجامع آل محمّد ـ من إثبات ذلك سنداً إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قال في الأحكام : وقد صحّ لنا أنّ «حيّ على خير العمل» كانت على عهد رسول الله يؤذّن بها ، ولم تُطرح إلّا في زمن عمر. وهكذا قال الحسن بن يحيى ؛ روي ذلك عنه في جامع آل محمّد.
__________________
(١) يؤيّد صحّة كلام المهدّي ما قاله القاسم بن محمّد بن عليّ نقلاً عن توضح المسائل للمقري «قد ذكر الروياني أنّ للشافعي قولاً مشهوراً بالقول به» ، وما قاله الشافعي عن التثو يب وأنّه لم يثبت عن ابي محذورة. ولو جمعنا هذين القولين وضممنا أحدهما إلى الآخر لاتّضح لنا ما نر يد قوله من الملازمة وعدم الفصل بين القول (بحيّ على خير العمل) وعدم القول (بالصلاة خير من النوم) ، وكذا العكس ، إذ قد ثبت عن ابن عمر تأذينه بـ (حيّ على خير العمل) وكراهيته للتثويب ، ومثله الأمر بالنسبة إلى الإمام علي ، فالقائل بشرعية «حيّ على خير العمل» لا يقبل شرعية «الصلاة خير من النوم» ، والقائل بشرعية «الصلاة خير من النوم» ينكر شرعية «حيّ على خير العمل» ، فإنكار الشافعي للتثويب يرجح المنسوب إليه من القول بـ «حيّ على خير العمل».
هذا وقد أشار الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى (المتوفى ٨٤٠ هـ) في البحر الزخار ٢ : ١٩١ إلى أنّ أخير قولي الشافعي هو القول بالحيعلة الثالثة وذلك بعد أن اشار إلى إجماع العترة بذلك فقال : (.. العترة جميعاً ، وأخير قولي الشافعي حيّ على خير العمل) ، فتامل.
(٢) هذا قصور أو تقصير من الشوكاني ، فقد عرفت إجماع العترة على التأذين بـ «حيّ على خير العمل» ، وكان ينبغي له أن يحقّق في المسألة قبل أن يقطع برأيه هذا.