ولتأكيد وجود الخلاف الفقهي العقائدي في تلك البرهة من التاريخ إليك كلام المقريزي في (المواعظ والاعتبار) عند ذكره مذاهب أهل مصر ونِحَلِهم ، قال :
قال أبو عمر الكندي في كتاب (أمراء مصر) : ولم يَزَل أهل مصر على الجهر بالبسملة في الجامع العتيق إلى سنة ثلاث وخمسين ومائتين (٢٥٣ هـ) ، قال : ومنع أرجون صاحب شرطة مزاحم بن خاقان أمير مصر من الجهر بالبسملة في الصلوات بالمسجد الجامع ، وأمر الحسين بن الربيع إمام المسجد الجامع بتركها وذلك في رجب سنة ثلاث وستّين ومائتين (٢٦٣ هـ) ، ولم يَزَل أهل مصر على الجهر بها في المسجد الجامع منذ الإسلام إلى أن منع منها أرجون.
إلى أن يقول : ... إلى أن قدم القائد جوهر من بلاد إفريقية في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة (٣٥٨ هـ) بجيوش مولاه المعز لدين الله أبي تميم معدّ وبنى مدينة القاهرة ، فمن حينئذ فشا بديار مصر مذهب الشيعة ، وعمل به في القضاء وأنكر ما خالفه ، ولم يبقَ مذهب سواه ، وقد كان التشيّع بأرض مصر معروفاً قبل ذلك.
قال أبو عمر الكندي في كتاب الموالي ، عن عبدالله بن لهيعة أنه قال : قال يزيد بن أبي حبيب : نشأت بمصر وهي علويّة فقلبتُها عثمانية (١).
ثمّ عمد المقريزي إلى شرح الأدوار التي مرت بها الشيعة في مصر وكيف كانت علويّة وصارت عثمانيّة حتّى يصل إلى صفحة ٣٤٠ ، وفيها يذكر حوادث سنة (٣٥٣ و ٣٥٦ هـ) وأن «جوهراً» أعلن حيّ على خير العمل وفضّل الإمام عليّاً وأولاده على غيره وجهر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم ، ممّا سيأتي في ما ننقله عن حوادث مصر في تلك السنة.
__________________
(١) الخطط المقريزية ٢ : ٣٣٤.