«محمّد وعليّ خير البشر»؟ فأجاب : إن قال «محمّد وعليّ خير البشر» على أنّ ذلك من قوله خارج من لفظ الأذان جاز ، فإنّ الشهادة بذلك صحيحة ، وإنّ لم يكن فلا شيء عليه (١).
وقال ابن البراج (ت ٤٨١ هـ) في مهذبه : ويستحب لمن أذّن أو أقام أن يقول في نفسه عند «حيّ على خير العمل» : «آل محمّد خير البرية» مرتين (٢).
وكذا يُفهم من كلام الشيخ الصدوق (ت ٣٨١ هـ) أن الذين كانوا يأتون بهذه الصيغ الثلاث أو الأربع! كانوا يأتون بها على أنّها صادرة عن أئمّة أهل البيت ؛ لقوله رحمه الله : «وفي بعض رواياتهم ... ومنهم من روى بدل ذلك ...» (٣).
فاختلاف الصيغ عند المؤذنين ، وإتيانها في بعض الأحيان بعد الحيعلة الثالثة وأخرى بعد الشهادة الثانية تشير إلى عدم جزئيتها وكونها تفسيرية.
إذاً عمل الشيعة وتفسيرهم هذا لم يكن عن هوى ورأي ، بل لما عرفوه ووقفوا عليه في مرويات ائمتهم الموجودة عندهم ، وهذا لو جمع إلى سيرة المتشرعة من الشيعة في كل الازمان والاصقاع في «حيّ على خير العمل» وأنّ المعنيَّ به عندهم الولاية لوقفت على حقيقة أخرى لم تنكشف لك من ذي قبل (٤). وممّا يستأنس به لذلك أذان الشيعة بحلب سنة ٣٦٧ هـ حيث إنّهم كانوا يقولون في أذانهم «حيّ على خير العمل محمّد وعليّ خير البشر» ، وكذلك في أذانهم باليمامة سنة ٣٩٤ هـ ، ففيه «يقولون في الإقامة : محمّد وعليّ خير البشر وحيّ على خير العمل».
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٩. ومثله جواب القاضي ابن البراج في جواهر الفقه : ٢٥٧.
(٢) المهذب ١ : ٩٠.
(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ١٨٨ باب الأذان والإقامة وثواب المؤذنين ح ٣٥.
(٤) سنفصل هذا الأمر بإذن الله تعالى في الباب الثالث من هذه الدراسة «أشهد أن عليّاً ولي الله بين الشرعية والابتداع».