ومن هذا الباب ما ذُكر من أنّ الحسين بن عليّ بن محمّد ... بن علي بن أبي طالب ـ المعروف بابن شكنبة ـ كان أوّل من جهر في الأذان بـ «محمّد وعليّ خير البشر» في زمن سيف الدولة الحمداني سنة ٣٤٧ هـ ، ولا يخفى عليك بأنّ هذا المؤذّن والحمدانيين شيعة اثنا عشرية ، وقد عرفت بأنّ الأذان بذلك في حلب كان قبل هذا التاريخ.
ويضاف إليه ما قلناه قبل قليل من أن الشيعة الاثني عشرية (القطعية) أذنوا في بغداد (٢٩٠ ـ ٣٥٦ هـ) بـ «أشهد أن عليّاً ولي الله» ، وأعلوا هذا الإعلان على الماذن في القرن الثامن في القطيف كذلك ، وغير ذلك من النصوص ، فكلها تؤكد التفسيرية التي كان يبوح بها الشيعة أيّام قوتهم ، وأنّ كلّ ما كانوا يقولونه مأخوذ من كلمات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأئمّة أهل البيت : وأنّ ذلك كله تفسير وتوضيح للحيعلة الثالثة (١) التي حذفها عمر وسار على نهجه الحذفيّ أتباعُهُ. ولذلك عظم على الرافضة!! وأهل التشيع حذف الحيعلة الثالثة من الأذان في سنة ٣٦٩ هـ من قبل نور الدين عم صلاح الدين الأيوبي.
وبهذا فقد تبيّن لنا من كلّ ما سبق أنّ لـ «حيّ على خير العمل» أصلاً شرعيّاً ثابتاً ، لكنَّ الظروف السياسيّة العصيبة ونهي عمر بن الخطّاب ، لعبا دوراً كبيراً في طرح شرعيّتها جانباً ـ وقد مرّت عليك بعض الروايات التي صُرّح فيها بحذف الحيعلة الثالثة للتقية من الرواة الذين كانوا يخافون على أرواحهم عند اشتداد سطوة الظالمين ـ ومع كلّ ذلك العسف ترى الصمود الشيعي في جانب آخر ، لذلك راح أتباع الحَذْفِ بعد أن لمسوا شدّة المتمسّكين بها يدّعون بأنّها منسوخة ، وعلى الرغم من شراسة الحملة
__________________
(١) وقد تكون الشهادة الثالثة هي تفسير للشهادة الثانية كذلك وهذا ما سنوضحه لاحقاً في الباب الثالث «أشهد أن عليّاً ولي الله بين الشرعية والابتداع».