موضوع الأذان إلى أنّ رسول الله كان في حيرة من أمر الأذان ، ولم يكن يعلم الحكم الإلهيّ فيه أيّاماً ، حتّى شاور الصحابةَ في ذلك ، وأمر بناقوس النصارى ليكون إعلاماً لوقت الصلاة حتّى «كاد ينقس»!
وفي هذا الرأي من التوهين والتقليل من شأن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما لا خفاء فيه ، وهو ممّا يرفضه منطق القرآن الكريم ، ويرفضه المنطق الإيماني على وجه العموم ، ذلك أنّ هذا التوهين يعارض دعوةَ القرآن المسلمين إلى توقير رسول الله وتعظيمه ، ويضادّ نهي الذين آمنوا أن يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، تعريفاً بتميّزه وعلوّ مقامه : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ) (١) اهتماماً بمكانته صلىاللهعليهوآلهوسلم وشأنه.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الآية نزلت لمّا تنازع أبو بكر وعمر في تعيين مَن يكون موفد الرسول المصطفى إلى بني تميم.
فقال أبو بكر : القعقاع بن معبد ، وقال عمر : الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر لعمر : ما أردتَ إلّاَ خلافي ، فقال عمر : ما أردت خلافك ، فتمارَ يا حتّى ارتفعت أصواتهما ، فنزلت في ذلك هذه الآيات الحكيمة (٢).
فإذا كان الله سبحانه لا يرتضي التنازع ورفع الصوت بمحضر النبيِّ في أيّة قضيّة من القضايا احتراماً له وتوقيراً لمقامه ، فكيف يصحّ أن يُنسَب إليه التحيّر في شأن أمر تعبّدي كالأذان حتّى اختار ـ أو كاد أن يختار ـ ناقوس النصارى يُنقس به
__________________
(١) الحجرات : ١ ـ ٢.
(٢) انظر : صحيح البخاريّ ٦ : ٢٩٠ كتاب المغازي ، باب وفد بني تميم ج ٨١٢ ، باب وفد بني تميم.