إذا ما غيّر حرفاً واحداً ، وذلك لمّا جاءه أهل قرية الناصرة بأحمال الذهب والفضّة والحرير وأرادوا إِعطاءها رشوةً للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في مقابل أن يُبدّل حرف الباء تاءً في لفظة «أبَوا» بعد نزول قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا) (١). وعندئذ نزل التهديد الإلهيّ ليعلم الناس أنّ دين الله خالص نقيّ لا يجوز بحال أن يشوبه شيء من رأي البشر ولو قَلّ وضَئُل إلى مستوى حرف استمع إلى تعابير المواجهة والإنذار : (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ) (٢) ، وهو الذي (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) (٣).
ثانياً : إنّ الأذان يرتبط ارتباطاً وثيقاً بفريضة الصلاة التي هي «خيرُ موضوع» ، كما يقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي عمود الدين وأساسه الجوهري .. إلى حدّ أن جعل الإمام الهادي الزيدي الأذان من أصول الدين! كما مرّ بنا سابقاً.
والأذان مقدّمة للصلاة ، وكلاهما عبادة خالصة لله عزّوجلّ صادرة عن حقيقة وجودية توحيدية عميقة. من هنا يكون من الغفلة الاعتقاد بأنّ الله عزّوجلّ قد أمر خاتم أنبيائه الكرام بإقامة الصلاة على وجهها الذي شرّعه الله تعالى ، ثمّ ترك شأن تعليم أذان الصلاة وإقامتها لأُناس عاديّين يقولون إنّهم رأوها في المنام! أو إنّهم قد أضافوا إليها من عندهم ما يكملها ، دون أن يُعلّمها رسولَه الذي هو مبلّغ الوحي وحامل راية الهدى لأجيال البشرية كافّة.
ثالثاً : تشير بعض النصوص السنيّة التي أوردتها كتب الصحاح والسنن في
__________________
(١) الكهف : ٧٧.
(٢) الحاقّة : ٤٤ ـ ٤٧.
(٣) النجم : ٣.