قال القرطبي في تفسيره : وقد احتُجَّ لعائشة بقوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) فسمّاها رؤيا.
وهذا يردّه قوله تعالى : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً) ، ولا يقال في النوم : «أسرى» ، وأيضاً فقد يقال لرؤية العين «رؤيا» ... وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة على أنّ الإسراء كان بالبدن ... (١) وقال ابن عطيّة الأندلسي : ... والصحيح ما ذهب إليه الجمهور ، ولو كانت منامة ما أمكن قريشاً التشنيع ، ولا فضّل أبو بكر بالتصديق ، ولا قالت له أمّ هاني : لا تُحدِّث الناس بهذا فيكذبوك ، إلى غير هذا من الدلائل.
واحتجّ لقول عائشة بقوله تعالى : (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ) ويحتمل القول الآخر ؛ لأنّه يقال لرؤية العين «رؤيا». واحتجّ أيضاً بأنّ في بعض الأحاديث «فاستيقظت وأنا في المسجد الحرام» ، وهذا محتمل أن ير يد من الإسراء النوم.
واعترض قول عائشة بأنّها كانت صغيرة لم تشاهد ولا حدّثت عن النبي عليهالسلام ، وأمّا معاوية فكان كافراً في ذلك الوقت غير مشاهد للحال ، صغيراً ، ولم يحدّث عن النبيّ ... (٢)
وقال ابن كثير : ... فلو كان مناماً لم يكن فيه كبير شيء ، ولم يكن مستعظماً ، ولما بادرت قريش إلى تكذيبه ، ولما ارتدّت جماعة ممّن كان قد أسلم ، وأيضاً فإن «العبد» عبارة عن مجموع الروح والجسد وقد
__________________
(١) تفسير القرطبي ١٠ : ٢٠٩ سورة الاسراء الآية ١.
(٢) المحرر الوجيز ٣ : ٤٣٥ ، وانظر : تفسير الثعالبي ٢ : ٢٤٨.