أحدهما : يتّخذ المواقف من خلال الأصول ، ويتّبع القرآن والسـنّة ، ولا يرتضي الرأي والاجتهاد مع وجود النصّ.
والآخر : يتّخذ الأصول من خلال مواقف الصحابة وإن خالفت النصوص ، فهؤلاء يشرّعون الرأي ويأخذون به مقابل النص ، ويتعاملون مع رسول الله كأنّه بشر غير كامل يصيب ويخطئ ويسبّ ويلعن ثمّ يطلب المغفرة للملعونين (١) ، أو أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلمخفي عليه أمر الوحي حتّى أخبره ورقة بن نوفل بذلك! وهذا يخالف ما ثبت من أنّ خاتم النبوة كان مكتوباً على كتفه.
وبين هـؤلاء من رفع صوته ـ في ممارسـاته اليـومـيـة ـ فـوق صـوت النـبيّ ، واعتـرض على رسـول الله في أعـمالـه (٢) ، وتعـرّف المصـلحـة وهـو بحـضرتـه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وتـنـزّه فـي أمـر رخّـص فـيـه ، أو تـزهّـد فـي أمـر نهـى عـنـه.
فجاء في كتاب الآداب من صحيح البخاري أنّ النبيّ رخّص في أمر فتنزّه عنه ناس ، فبلغ النبيّ فغضب ثمّ قال : ما بال أقوام يتنزّهون عن الشيء أصنعه ، فوالله إنّي لأعلمُهم وأشدّهم خشية (٣).
وفي خبر آخر : أُخبر رسول الله أنّ عبدالله بن عمرو بن العاص يقول : والله لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ، فقال له رسول الله : أنت الذي تقول : «لأصومنّ النهار ولأقومنّ الليل ما عشت»؟!
قال : قد قلت ذلك يا رسول الله.
__________________
(١) صحيح البخاري ٨ : ٤٣٥ / كتاب الدعوات ، باب ٧٣٦ ، ح ١٢٣٠ سورة الإسراء ، مسند أحمد ٢ : ٣١٦ ـ ٣١٧ ، ٤١٩ ، وج ٣ : ٤٠.
(٢) كاعتراض عمر بن الخطاب على رسول الله لمّا أراد أن يصلّي على المنافق ، وقوله له : أتصلّي عليه وهو منافق؟! وإنكاره على رسول الله فعله في أخذ الفداء من أسرى بدر وغيرها. انظر : صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب فضائل عمر.
(٣) انظر : صحيح البخاري ٨ : ٣٥٣ كتاب الدوب ، باب من لم يواجه الناس بالعتاب ، ح ٩٧٩.