فقال رسـول الله : إنّـك لا تسـتطيع ذلك فصُـمْ وأفطـرِ ، ونَـم وقُـم ، وصُم من الشـهـر ثلاثـة أيّام ، فإنّ الحسـنة بعشـر أمـثالهـا ، وذلـك مـثل صـيام الدهـر.
قال ، قلت : إنّي أُطيق أفضلَ من ذلك.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : فصم يوماً وأفطِر يومين.
قال : قلت : إنّي أطيق أفضل من ذلك.
فقال : قـال : فَصُـم يوماً وأفطِر يوماً ، فذلك صيام داود عليهالسلام وهو أفضل الصيام.
فقلت : أطيق أفضل من ذلك.
فقال النبيّ : لا أفضل من ذلك (١).
إن مثل هذا التحكيم للرأي الشخصي في مقابل قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يحمل في طياته مخاطر عديدة ، ويفتح مسارات للتحريف والتبديل ، ومن شأنه أن يحول الدين الالهي إلى دين مشوب بآراء الناس ووجهات نظرهم الشخصية ، وهو يجرّ من ثمّ إلى تجزئ الدين والى النزعة التلفيقية في الشريعة ، ومن هنا ظهرت في الصدر الأوّل وما بعده الأحكام المبتدعة والأهواء المتّبعة التي ليست من دين الله في شيء ، ولا تمت إلى الحياة الإسلامية النز يهة بصلة ، وهو الذي كان رسول الله يتخوف على اُمته منه. وقد صرّح الإمام عليّ في خطبة له بأنّه لو أتيحت له الفرصة لأرجع بعض الأُمور إلى أصلها ، فقال : (... وإنّما بدءُ وقوع الفتن أهواء تتّبع وأحكام تبتدع ، يخالف فيها كتاب الله ، يتولّى فيها رجالٌ رجالاً ... إلى أن يقول : .. أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله ، ورددت فدك إلى ورثة فاطمة ، ورددت صاع رسول الله كما كان ، وأمضيت قطائع أقطعها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٣ : ٩١ كتاب الصوم ، باب صوم الدهر ، ح ٢٣٣.