الاستهجان ، فلو قيل النبي لا ينطق عن الهوى إلّا في غير مورد القرآن لرأيت التخصيص مستهجنا ، على أنّ الدليل ليس منحصرا بهذه الآية ، وقد استعرضنا الدلائل السابقة.
نعم لو ثبت انّ الوحي أمره بالاجتهاد ، لكان ما يفتي به إفتاء منتهيا إلى الوحي الإجمالي ، ولكن الكلام في صدور الترخيص له.
الثالث : إذا جاز لغيره من الأمّة أن يجتهد بالإجماع مع كونه معرضا للخطإ ، فلأن يجوز لمن هو معصوم عن الخطأ بالأولى.
أقول : إنّ هذا الاستدلال من الوهن بمكان ، لأنّ غير النبي يجتهد لانحصار باب المعرفة به ، وهذا بخلاف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنّ أمامه طرقا كثيرة إلى الحقّ أوضحها الوحي.
الرابع : الاستدلال ببعض الأمثلة التي تدلّ بظاهرها على أنّ النبي اجتهد في الحكم الشرعي ، وسيوافيك توضيح بعضها. (١)
ثمّ إنّ هناك مذهبا ثالثا يدعى مذهب الوقف عن القطع بشيء في ذلك ، وزعم الصيرفي في شرح الرسالة ، انّه مذهب الشافعي ، لأنّه حكى الأقوال ولم يختر شيئا منها ، واختار هذا القاضي أبو بكر الباقلاني ، والغزالي. (٢)
__________________
(١) إرشاد الفحول : ٢٢٥.
(٢) المصدر السابق : ٢٢٦.