وليس الهدف من تسويغ الحكم له إلّا الحفاظ على الأحكام الواقعيّة برفع التزاحم ، ولذلك سمّيناه حكما إجرائيّا ولائيّا حكوميّا لا شرعيّا ـ مثل : وجوب الوضوء ـ لما عرفت من أنّ حكمه علاجيّ يعالج به تزاحم الأحكام الواقعية في ظلّ العناوين الثانوية ، وما يعالج به حكم لا من سنخ المعالج ، ولو جعلناه في عرض الحكمين لزم انخرام توحيد التقنين والتشريع.
الثانية : إنّ حكم الحاكم لمّا كان نابعا من المصالح العامّة وصيانة القوانين الإسلامية لا يخرج حكمه عن إطار الأحكام الأوّليّة والثّانويّة ، ولأجل ذلك قلنا إنّه يعالج التزاحم فيها ، في ظلّ العناوين الثانويّة ، نعم ربّما يقال بأنّ ولاية الفقيه أوسع من إطار الأحكام الأوّلية والثانوية.
والقول بولاية الفقيه على هذا الحد يرفع جميع المشاكل الماثلة في حياتنا ، فإنّ العناوين الثانوية التي تلوناها عليك أدوات بيد الفقيه يسد بها كل فراغ حاصل في المجتمع ، وهي في الوقت نفسه تغيّر الصغريات ولا تمس بكرامة الكبريات.
ولأجل توضيح المقام ، نأتي بأمثلة تتبيّن فيها مدخليّة المصالح الزمانية والمكانية في حكم الحاكم وراء دخالتهما في فتوى المفتي.
الأوّل : لا شكّ أنّ تقوية الإسلام والمسلمين من الوظائف الهامّة ، وتضعيف وكسر شوكتهم من المحرّمات الموبقة ، هذا من جانب ، ومن جانب آخر فإنّ بيع وشراء التنباك أمر محلّل في الشرع ، والحكمان من الأحكام الأوّلية ولم يكن أيّ تزاحم بينهما إلّا في فترة خاصة عند ما أعطى