ولا يلزم حفظها أيضا ، بل أن يكون عنده أصل مصحّح شامل للأحاديث المتعلّقة بالأحكام الشرعية دون المواعظ والآداب وأحكام الآخرة.
وأمّا الإجماع فيجب أن يعرف مواقعه ، لئلّا يفتي بخلافه. وطريق ذلك أن يفتي بما يوافق قوله قول بعض الفقهاء المتقدّمين ، أو يظن تولد هذه الواقعة في عصره ولم يبحث أهل الإجماع عنها.
وأمّا العقل فيعرف البراءة الأصليّة ، وإنّا مكلّفون بالتمسك بها إلّا مع قيام دليل صارف عنه ، وهو : نص أو إجماع أو غيرهما.
هذا فيما يتعلّق بمعرفة الطرق الشرعية ؛ وأمّا ما يتعلّق بالأصولية فيجب أن يكون عارفا بالله تعالى وصفاته وما يجب له ويمتنع عليه ، لأنّه شرط في الإيمان ؛ وأن يعرف الرسول ، ويحكم بنبوته ، وما جاء به من الشرع المنقول بما ظهر من المعجزات.
ولا يشترط معرفته بدقائق علم الكلام والتبحّر فيه ، بل معرفته بما يتوقّف عليه الإيمان ، ولا يجب عليه قدرته على تفصيل الأدلّة بحيث يتمكّن من الجواب عن الشبهات والتخلّص عن الإيرادات.
وهذه شرائط المجتهد المطلق المتصدي للحكم والإفتاء في جميع مسائل الفقه. أمّا الاجتهاد في حكم بعض المسائل فيكفي فيه معرفته بما يتعلّق بتلك المسألة ، وما لا بدّ منه فيها. (١)
__________________
(١) هذا هو التجزؤ في الاجتهاد ، وقد تقدّم بيانه في مقدمة العلّامة السبحاني في هذا الجزء ص ٥٨.