الأوّل قوله تعالى : (فَاعْتَبِرُوا)(١) وهو عام ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أعلى الناس بصيرة ، وأكثرهم اطّلاعا على شرائط القياس ، وما يجب ويجوز معرفة المناط والفوارق ، وذلك مندرج تحت الآية ، فكان مأمورا به فكان فاعلا له ، وإلّا قدح في عصمته.
وفيه نظر ، بمنع دلالته على القياس كما تقدّم.
سلّمنا لكن يفارق الأمّة بتمكّنه من استعلام الحكم قطعا ، فلا يجوز له المصير إلى الظن ، والأصل فيه مع تسليم الدلالة على القياس أنّه واجب عند نزول الحادثة والظن بانتفاء النص في الماضي عليها. ولا خلاف في عدم ذلك في حقه صلىاللهعليهوآلهوسلم لأنّه كان ينتظر الوحي فلا يكون مندرجا تحت العموم.
الثاني : إذا غلب على ظنّ تعليل الحكم بوصف ثمّ علم أو ظن وجوده في غيره ظن المساواة في الحكم ، وترجيح الراجح على المرجوح من مقتضيات العقول ، وهو يقتضي وجوب العمل بالقياس عليه.
ويرد عليه ما تقدّم من تمكّنه من العلم ، فلا يجوز الرجوع إلى الظن.
الثالث : العمل بالاجتهاد أشقّ من العمل بالنصّ فيكون أكثر ثوابا ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أفضل الأعمال أحمزها» (٢) أي أشقّها ، فلو لم يعمل
__________________
(١) الحشر : ٢.
(٢) تفسير الرازي : ٢ / ٢١٧ و ٢٣٣ وج ٤ / ١٥٢ وج ٥ / ١٥٦ ؛ تفسير البيضاوي : ١ / ٥٣٦ ؛ ـ