ولا حرج أعظم من تكليف الإنسان في لحظة واحدة معرفة ما عجز الخلق عن معرفته في خمسمائة سنة.
ولأنّا نعلم أنّ الصحابة لم يكونوا عارفين بهذه الأدلّة والدقائق والجواب عن شبهات الفلاسفة ، كما لم يكونوا عارفين بدقائق الهندسة وعلم الهيئة والحساب مع أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حكم بإيمانهم.
سلّمنا أنّهم كلّفوا بالعلم لكن نمنع عقاب المخطئ والإجماع في محلّ الخلاف ممنوع.
وعلى الثاني. بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبلهم (١) لجهلهم بالحق مع إصرارهم على ترك التعلّم لا للجهل مطلقا ، فلعلّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالغ في إرشادهم ولم يلتفتوا إلى بيانه واشتغلوا باللهو والطرب ، وأمّا من بالغ في الطلب والبحث فيمنع أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قتله. سلّمنا قتله ، لكن نمنع عقابه.
وعلى الثالث بأنّه ذمّ الكافر ، والكفر لغة الستر ، وهو لا يتحقّق إلّا في المعاند الّذي عرف الدليل ثمّ أنكره ، أو المقلّد الّذي يعرف أنّه لا يعرف الدليل على صحّة الشيء ثمّ يقول به. أمّا العاجز المتوقّف الّذي بالغ في الطلب ولم يصل فلا يكون ساترا لما ظهر عنده ، فلا يكون كافرا.
__________________
ـ وج ٣ / ٣٤ برقم ٥٣٤١ و ٦٦٩ برقم ٨٤١٢ وج ٤ / ٣١٨ برقم ١٠٦٨٩ ؛ أمالي الطوسي : ٥٢٨ ، المجلس ١٩ ؛ عوالي اللآلي : ١ / ٣٨١ برقم ٣ ؛ بحار الأنوار : ٦٤ / ١٣٦ وج ٦٥ / ٣١٨ و ٣٤٦.
وقد ورد الحديث في هذه المصادر باختلاف في اللفظ.
(١) في «أ» و «ب» : قتلهم.