واختلف هؤلاء فمنهم من قال بالأشبه ، وهو أنّه وإن لم يوجد في الواقعة حكم ، إلّا أنّه وجد ما لو حكم الله تعالى بحكم لما حكم إلّا به. وهو منسوب إلى كثير من المصوّبين.
وامّا أن لا يقال بذلك أيضا ، وهو قول باقي المصوّبين.
وأمّا الأوّل : وهو أنّ في الواقعة حكما معينا ، فذلك الحكم إمّا أن لا يكون عليه أمارة ولا دلالة ، أو يكون عليه أمارة لا دلالة ، أو يكون عليه دلالة.
أمّا الأوّل ، وهو حصول الحكم من غير دلالة ولا أمارة ، وهو قول جماعة من الفقهاء والمتكلّمين ، قالوا : وهذا الحكم مثل دفين يعثر عليه الطالب اتفاقا ، فلمن عثر عليه أجران ، ولمن اجتهد ولم يصبه فله أجر واحد على ما تحمله من الكد في الطلب لا على حرمان الإصابة.
وأمّا الثاني ، وهو أنّ عليه أمارة ، فهو قول جماعة ، واختلفوا :
فقال بعضهم : إنّ المجتهد لم يكلف بإصابة ذلك الدليل الظني لخفائه وغموضه ، فلهذا عذر المخطئ وأجر عليه. وهو قول الفقهاء كافة ونسب إلى الشافعي وأبي حنيفة.
وقال آخرون : بأنّه مأمور بطلبه أوّلا فإن أخطأ وغلب على ظنّه شيء آخر تغيّر التكليف وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنه ، وسقط عنه الإثم تحقيقا. (١)
__________________
(١) راجع المحصول : ٢ / ٥٠٤.