فيستحق النار ، لأنّ الأمر للوجوب ، ولمّا أجمعوا على عدم استحقاق النار علم انتفاء الدليل ، وإذا لم يوجد دليل جاز العمل بالحدس والتوهّم ، كالمشتبه عليه أمارات القبلة يعمل بالوهم والحدس.
سلّمنا ، الأمر بالحكم بطريق لكن يجوز حصول طريق آخر مقابل ، ويكون أحدهما راجحا.
وإنّما يجب العمل بالراجح على من علم بالرجحان لا على من لا يعلم به ، لأنّ الأمارة الراجحة إنّما يجب العمل بها على من اطّلع عليها ، أمّا من لا يطّلع عليها فإنّه يجوز أن يكون مكلّفا بالأضعف ، إذ لا يستبعد عقلا أن تكون مصلحة أحد المجتهدين العمل بأقوى الأمارات ومصلحة الآخر العمل بأضعفها.
فحينئذ يخلق الله تعالى في قلب من مصلحته العمل بالأقوى الخاطر بوجوه الترجيح ، ويشغل الآخر عنها فيظن أنّها أقوى الأمارات ؛ لأنّ مصلحته العمل على أضعف الأمارات ، والظنّ بأنّها أقوى مع كونها في نفسها أضعف غير قبيح ، كما لا يقبح ظن كون زيد في الدار وليس فيها.
والجواب : الدليل موجود ، وهو الإجماع على وجود الترجيح بأمور حقيقية لا خيالية ، ووجود الترجيح يستدعي وجود أصل الدليل ، أعني : القدر المشترك بين الدليل اليقيني والظاهري.
قوله : يجوز العمل بالأضعف إذا لم يعرف الأقوى.