لقوله تعالى : (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ)(١).
وقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ)(٢).
وقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً)(٣). ولو كان عليه دليل قاطع لوجب الحكم بفسق مخالفه. (٤)
التاسع : لا خلاف في ترجيح الأدلّة المتقابلة في المسائل الاجتهادية بما لا يستقل بإثبات أصل الحكم ولا نفيه ، فدلّ على أنّ الدليل من الجانبين ما هو خارج عن الترجيح ، فالدليل على كلّ واحد من الحكمين قائم ، فكان حقّا. (٥)
والجواب عن الأوّل. أنّ على الحكم دليلا ظاهرا لا قطعا ولا يلزم الكفر ولا الفسق.
قيل (٦) : لأنّ المجتهد قبل الخوض في الاجتهاد كان تكليفه طلب ذلك الحكم الّذي عيّنه الله تعالى ونصب عليه ذلك الدليل الظاهر ، فإذا اجتهد
__________________
(١) النساء : ١٦٥.
(٢) إبراهيم : ٤.
(٣) طه : ١٣٤.
(٤) راجع الإحكام : ٤ / ١٩٩.
(٥) راجع الإحكام : ٤ / ٢٠٠.
(٦) القائل هو الرازي في المحصول : ٢ / ٥١٩.