وأخطأ ولم يصل إلى ذلك الحكم وظن شيئا آخر ، تغيّر التكليف في حقّه وصار مأمورا بالعمل بمقتضى ظنّه. وحينئذ يكون حاكما بما أنزل الله لا بغيره فسقط ما ذكروه من الاستدلال.
وهو الجواب عن الثاني. لأنّا نسلم أنّ المجتهد بعد أن اجتهد وظن أنّ الحكم كذا فإنّه مكلّف بالعمل بمقتضى ظنّه ، وحكمه تعالى في حقّه ليس إلّا ذلك ، لكن يجوز أن يقال : إنّه قبل خوضه في الاجتهاد كان مأمورا بذلك الحكم الّذي عيّنه الله تعالى ونصب عليه الدليل ، لكنّه بعد الاجتهاد ووقوع الخطأ تغيّر التكليف ، وما ذكروه لا ينفي هذا الاحتمال.
ولأنّ هذه الدلالة تنتقض بما لو وجد نصّ في المسألة ولم يجده المجتهد بعد الطلب ، ثمّ ظنّ بمقتضى القياس خلاف ذلك الحكم ، فإنّ تكليفه حينئذ العمل بمقتضى ذلك القياس مع الإجماع على كونه مخطئا في هذه الصورة ، فجوابهم جوابنا.
ومن المصوّبة من منع من التخطئة في هذه الصورة ، فالأصل في الجواب ما تقدم.
وهو الجواب عن الثالث ، لأنّه إنّما يجب البراءة والتفسيق لو عمل بغير حكم الله تعالى ، لكنّه بعد الخطأ مكلّف بالعمل بمقتضى ظنّه ، فيكون عاملا بحكم الله تعالى فلا يلزم شيء ممّا ذكروه.
وفيه نظر ، فإنّ الحكم تابع للمصالح لا للظنون ، ولا نسلّم تغيّر حكم الله تعالى باعتبار حصول ظنّ غير الحكم المعيّن ، بل الحق في الجواب أنّ