النبي والمؤمنين ما عدا عمر ، إلى ثالث أنّه متوجه إلى النبي والمؤمنين ما عدا عمر وسعد بن معاذ ، إلى رابع أنّه متوجه إلى المؤمنين دون النبي ، إلى خامس أنّه متوجه إلى شخص أو أشخاص أشاروا إليه بالفداء بعد ما استشارهم.
وعليه لا يمكن الركون إلى تلك الروايات والأخذ بها ، والآيات الواردة في المقام محكمة ناصعة البيان ليست بحاجة إلى تفسير من قبل الروايات الآنفة الذكر. فالاستدلال على أنّ النبي كان مجتهدا وانّه اجتهد خطاء في هذه الواقعة غريب جدا.
* * *
الثاني : إذا كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يصدر الأحكام بإلهام منه سبحانه دون أن يكون له اجتهاد فيها ، فما معنى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حديث السواك : «لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسواك».
ومثله قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم فتح مكة : «إنّ هذا البلد حرّمه الله يوم خلق السماوات والأرض ، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وانّه لم يحلّ القتال فيه لأحد قبلي ، ولم يحلّ لي إلّا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ، ولا ينفّر صيده ، ولا يلتقط لقطته إلّا من عرفها ، ولا يختلى خلاه».
فقال العباس : يا رسول الله إلّا الإذخر ، فإنّه لقينهم ولبيوتهم.
فقال : «إلّا الإذخر». (١)
__________________
(١) صحيح البخاري : ٤ / ١٠٥ ، باب اسم الغادر للبر والفاجر قبيل كتاب بدء الخلق.