فاستثناء الإذخر بعد التعميم أخذا برأي العباس كان اجتهادا منه صلىاللهعليهوآلهوسلم والحديث أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما من أهل السنن. (١)
الجواب : أمّا الحديث الأوّل فبيان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم للحكم لم يصدر عن الاجتهاد وضرب الأدلّة بعضها ببعض ، وإنّما وقف على الحكم الشرعي وهو الاستحباب عن طريق الوحي ولمّا بيّن للأمّة أهميته من الناحية الصحية ، ظهر فيه ملاك الإلزام ، ولكن لم يتابعه التشريع ، لما في الإلزام من حرج ومشقة.
وأمّا الحديث الثاني فقد روى البخاري انّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «ولا يختلى خلاه».
قال ابن الأثير : ففي حديث تحريم مكة «لا يختلى خلاها» الخلى ـ مقصور ـ النبات الرطب الرقيق ما دام رطبا ، واختلاؤه قطعه ، وأخلت الأرض : كثر خلاها ، فإذا يبس فهو حشيش. (٢)
وأمّا استثناء الإذخر فلم يكن اجتهادا من النبي بل بيانا لواقع الحكم حيث كان قطعه مستثنى في الشريعة ، وكان للنبي أن يذكر العام دون المخصّص لمصلحة في التأخير ، ولكن لمّا تكلّم العباس بالمخصّص ، صدّقه وبيّن المخصص فورا.
ووجه الاستثناء ابتلاء الحدّاد والصائغ والناس في بيوتهم بهذا النبات
__________________
(١) تاريخ التشريع الإسلامي : ٣.
(٢) النهاية : ٢ / ٧٤.