تركوه ، فلو جاز خلو العصر عن من يقوم به لزم اتّفاق أهل العصر على الخطأ والضلال ، وهو ممتنع بما تقدّم في دلائل الإجماع.
وفيه نظر ، إذ ترك الواجب على الكفاية قد لا يتعقّبه الإثم بأن يظن كلّ طائفة قيام الغير به ، فجاز في المتنازع ذلك.
الخامس : طريق معرفة الأحكام الشرعية إنّما هو الاجتهاد ، فلو خلا العصر عن مجتهد يمكن الاستناد إليه في معرفة الأحكام ، لزم تعطيل الشريعة واندراس الأحكام ، وهو ممتنع.
وفيه نظر ، لمنع حصر الطريق في الاجتهاد.
واعترض (١) على النصوص بالمعارضة بنقيضها كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بدأ الإسلام غريبا وسيعود كما بدأ». (٢)
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا ، ولكن يقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم ، اتّخذ الناس رؤساء جهّالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلّوا وأضلّوا». (٣)
__________________
(١) المعترض هو الآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٤٠.
(٢) صحيح مسلم : ١ / ٩٠ ، باب أنّ الإسلام بدأ غريبا ؛ سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣١٩ ، باب الإسلام بدأ غريبا ؛ مجمع الزوائد : ٧ / ٢٧٧ ، باب أنّ الإسلام بدأ غريبا.
(٣) صحيح البخاري : ١ / ٣٤ ، كتاب العلم ؛ صحيح مسلم : ٨ / ٦٠ ، باب رفع العلم ؛ سنن ابن ماجة : ١ / ٢٠ ؛ سنن الترمذي : ٤ / ١٣٩ برقم ٢٧٩٠ ؛ مسند أحمد : ٢ / ١٦٢ ؛ تحف العقول : ٣٧ ؛ مستدرك الوسائل : ١٧ / ٢٤٥ و ٣٠٨ ؛ أمالي المفيد : ٢٠ ، المجلس ٣ ؛ بحار الأنوار : ٢ / ٨٣ و ١١٠ و ١٢١ وج ٧٤ / ١٤١.