توجب ظن صدق المفتي ، والعمل بالظن واجب ، وهذا المقتضي ثابت هنا ، فثبت الاكتفاء بالفتوى في الأصول.
والجواب عن الأوّل. النقض بالظنون الّتي يجب العمل بها ، كالأمور الدنيوية وقيم المتلفات وأروش الجنايات ، وخبر الواحد والقياس لو جوّزوا العمل بهما. وينتقض بالشهادة ، ولأنّه مشترك الإلزام فإنّ النظر والاجتهاد إنّما يثمر الظن ، وهو قول بما ليس بمعلوم ولا بدّ من سلوك أحدهما ، وليس في الآية دليل على تعيين امتناع أحدهما ، فإذن الواجب حملها على ما لا يعلم فيما يشترط فيه العلم.
وعن الثاني. بالحمل على ذمّ التقليد فيما يطلب فيه العلم جمعا بين الأدلّة.
وعن الثالث. أنّه متروك بالإجماع في صورة النزاع ، فإنّ الناس بين قائلين : قائل بوجوب التقليد ، وقائل بوجوب النظر والاجتهاد ، وكلاهما لا يفيدان العلم.
وعن الخامس. نمنع دلالته على الوجوب ، ولو دلّ على الاجتهاد فلا عموم له بالنسبة إلى كلّ مطلوب ، فلا يلزم دخول صورة النزاع فيه.
سلّمنا عمومه ، لكن يحمل على من له أهلية الاجتهاد جمعا بين الأدلة.
وعن السادس. أنّه مشترك الإلزام ، فإنّ العامّي وإن اجتهد فلا يأمن من وقوع الخطأ فيه ، بل هو أقرب إلى الخطأ لعدم أهليته.