يكتسبها الناس عبر التجربة ، ولم يزل المجتمع الإنساني يتقدّم ويرتقي كلّما كثرت تجاربه وخبراته المادية ، والإنسان يخطئ ويصيب في الوقوف على أسرار الكون ونواميسه ، وتلك الخطوات وإن أخفقت في بعض المراحل ، لكنّها تنتهي إلى كشف الحقائق ولمس الواقع ، وهذه هي الأسس التي بنيت عليها الحضارات.
إنّما الكلام في أنّ سبيل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذه الأمور هل هو كسبيل سائر الناس يجتهد ويخطئ ، أو أنّه لا يخطئ في تلك الأمور بإلهام من الله سبحانه مسدّد الخطى نحو الصواب؟
يقول أحد الكتاب المعاصرين : إنّ النبي يجتهد في شئون الزراعة والطب اجتهاد غيره يخطئ ويصيب وليس شرعا ، ولذا قال في تأبير النخل : «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
ففي الصحيحين انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرّ بقوم يلقحونه ، فقال : «لو لم تعملوا لصلح» قال : فخرج شيصا (١) فمرّ بهم ، فقال : «ما لنخلكم؟» قالوا : قلت كذا وكذا ، قال : «أنتم أعلم بأمور دنياكم».
أقول : إنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل الخليقة وأفضل من أبينا آدم أبي البشر ، وقد علّمه سبحانه الأسماء قال سبحانه : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ* قالَ يا آدَمُ
__________________
(١) يقال : شيّصت النخلة : فسدت وحملت الشيص ، وهو تمر رديء.