والحق أن يقول : أمّا بالنسبة إلى مجتهدين ، فإنّه جائز مطلقا ولا يعلم فيه خلافا. وأمّا بالنسبة إلى مجتهد واحد فنقول بالجواز في القسمين معا ، لكن الأوّل غير واقع شرعا.
أمّا جواز الأوّل فالوجدان دال عليه ، إذ لا نمنع أن يخبرنا رجلان بالنفي والإثبات ويستويان في العدالة والصدق بحيث لا يتميّز أحدهما عن الآخر بمائز في ذلك.
وأمّا جواز الثاني فلقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في زكاة الإبل : «في كلّ أربعين بنت لبون ، وفي كلّ خمسين حقّة» فمن ملك مائتين مخير في إخراج أيّهما شاء ، لأنّه بأيّهما فعل أدّى الواجب ولا أولوية لأحدهما.
والمصلّي في الكعبة ، يتخيّر في استقبال أي الجدران شاء.
والولي إذا لم يجد من اللبن إلّا ما يكفي أحد الصغيرين ، ولو صرفه إليهما معا ماتا ، ولو صرفه إلى واحد منهما عاش دون الآخر ، فإنّه يتخيّر لعدم الأولوية.
ولأنّ ثبوت الحكم في الفعلين المتنافيين يقتضي إيجاب أحد الضدين وذلك يقتضي إيجاب فعل كلّ منهما بدلا عن الآخر.
وأمّا عدم وقوع الأوّل شرعا ، فلأنّه لو تعادلت أمارتان على الحظر والإباحة :
فإمّا أن يعمل بهما ، وهو محال ، وإلّا لزم إباحة الفعل وحظره في