حكم العقل ، ثمّ المقرر أزال حكم الناقل مرة أخرى.
اعترض على أ. لو جعلنا المبقي متأخّرا استفدنا منه ما لا يستقل العقل به ، ولو جعلناه متقدّما استفدنا منه ما يتمكّن العقل من معرفته.
وعلى ب. أنّ ورود الناقل بعد ثبوت حكم الأصل ليس بنسخ ، لأنّ دلالة العقل إنّما تقيّد بشرط عدم دليل السمع ، فإذا وجد انتفى دليل العقل ، فلا يكون الدليل السمعي رافعا لحكم العقل ، بل يكون مبيّنا لانتهائه ، فلا يكون ذلك خلاف الأصل.
ولأنّه معارض بأنّا لو جعلنا المبقي متقدّما لكان المنسوخ حكما ثبت بدليلين : العقل ، والسمع وهو أشدّ مخالفة ، لأنّه نسخ للأقوى بالأضعف.
احتجّ الآخرون بأنّ حمل الحديث على ما لا يستفاد إلّا من الشرع أولى من حمله على ما يستقلّ العقل بمعرفته ، إذ فائدة التأسيس أقوى من فائدة التأكيد ، وحمل كلام الشارع على ما هو أكثر فائدة أولى ، فلو جعلنا المبقي متقدّما على الناقل لكنّا قد جعلناه واردا حيث لا حاجة إليه ، لأنّا نعرف ذلك الحكم بالعقل. ولو جعلنا المبقي واردا بعد الناقل لكان واردا حيث يحتاج إليه ، فكان الحكم بتأخيره أولى.
تذنيب
قال قاضي القضاة (١) : العمل بالناقل كما ذهب إليه الجمهور ، أو
__________________
(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤٦٥ ـ ٤٦٦.